فخامة الرئيس

فخامة الرئيس

 

فخامة الرئيس

في البداية، أود أن أبلغ فخامتكم أن السبب الذي دفعني إلى مخاطبتكم بهذا النداء – الإنسان المتفان الذي جاء إلى العالم بمصير صعب، ولكن في نفس الوقت مجيد، لتنير الظلمات، والقيام بالخير والإضاءة بقلبه ونيته وعمله المخلص، وتحرير وطنه وشعبه من المشقات، وحمايته، ووقوفه إلى جانب الشعب في أصعب لحظات - هو احترامي العميق لشخصيتكم السامية والنبيلة.

وقد لاحظت عندما كنت أشاهد بعيني المغرورتين هذه الغريزة النبيلة لحماية الوطن الأم بعد "حيدر علييف" غير منسيّ، والكرامة الوطنية في العزم، في السنوات الأولى لرئاستكم - خلال عرض عسكري في ميدان الحرية في صيف عام 2008م بمناسبة يوم القوات المسلحة لأذربيجان - لما قامت طائرتنا المتقاتلة بطلاء سماء الميدان بلون العلم الوطني، وكأن فخامتك تقول: "لا تحزن يا شعبي، لستَ وحيدا"... تذكرت مأساة 20 يناير التي أغرقت شوارع باكو في بحر من الدماء فيما مضى، وأيامنا السوداء عندما كنا وحيدين، بلا نصير ولا معين، وبلا حدود ودولة، حينئذ أدركتُ مثل الشخص الذي أفاق من الغفلة الحقيقة المرة القاتلة بكل واقعيتها ورعبها، حينها كأني عشتُ هذه الأيام من جديد...

وكان هذا العزم في الوقوف بجانب الشعب والوطن أكثر وضوحا في السنوات القادمة الأكثر صعوبة، في الحروب على سبيل الحقيقة، عندما وقف فخامتك وحيدا أمام العالم من أجل أذربيجان وهوية أذربيجانية، من أجل استعادة العدالة التاريخية، وانتصار الحق، برز هذا العزم بكل معالمها وحجمها في المعارك السياسية الباردة التي مررتَ بها خطوة بخطوة بضبط النفس والصبر والدراية الدبلوماسية العالية... وفي ظل جائحة "كورونا" وظروف متوترة، عندما ترك الناس لمصيرهم، واللامبالاة القاسية والتشرد، كان يُشعر به عن كثب في منزل كل فرد وقلبه مع حميمية حب الإنسان.

ونتيجة كل هذه التضحيات، والنشاط المدروس والهادف والمكثف، لقد نهضت أذربيجان التي انتهكت حقوقها لسنوات عديدة، واحتلت أراضيها ولم يسمع صوتها من أي مكان من الظلمة العميقة لهذه المستنقعات من التخفي وعدم الوضوح إلى المستوى الدولي كقوة سياسية واقتصادية وعسكرية قوية ذات ثقافة وطنية غنية وإمكانات بشرية... لقد شاهدنا العالم وتعرف علينا من وجهة نظر مختلفة تماما.

بدأنا ندرك كل هذه الأحداث الثورية التي غيرت الوضع القومي والاجتماعي لأذربيجان والأذربيجانيين، والمشهد العام للبلاد ومستوى المعيشة من خلال الإصلاحات الأساسية والعمل البناء في غضون 18 سنة، مرة في غمضة عين، كانت بداية طريق واسع وواضح لتحقيق انتصارات تاريخية أكبر، بعد ذلك بوقت طويل – عندما ظهر الجيش الأذربيجاني القوي المزود بأحدث الأسلحة من أعماق غير المرئي كتنين عملاق بجسم ملتهب... أيام لا تنسى مليئة بالفرح والدموع، عندما كانت تصلنا أنباء استعادة المدن المحتلة مثل "فضولي" و"جبرائيل" و"زنجيلان" المحررة الواحدة تلو الأخرى، كنا لا نصدق ونسأل أنفسنا هل نحن في الحلم أو يقظة؟... لا تنسى أيام كنا أمام شاشة التلفاز ننتظر قائدنا الأعلى، كما ينتظر والدَه الطفل الذي لجأ إليه بمخاوفه وآماله... وحضور فخامتكم لمقابلتنا لتحطيم شعور الهزيمة الذي ترسخ في ذاكرتنا اللاواعية مع المآسي الوطنية لسنوات عديدة، ومحو كل اليأس والشك من ذاكرتنا إلى الأبد... على الرغم من أعباء الحرب الوطنية على كتفك، وآلام الشهداء في قلبك كنت تُهَّدئنا نحن مواطنيك مثل الأطفال من خلال الإعلان عن أسماء المدن والقرى المحررة براحة البال... ولا ينسى يوم، فتحت ذراعيك كأب حنون لمدينة "شوشا" عند النصر وهززتَ الروح الوطنية المجمدة منذ سنوات لإيقاظ أذربيجان بأكملها.

فخامة الرئيس!

من الحقيقة التاريخية التي لا يمكن إنكارها أن هذا الانتصار المجيد الذي تحقق بالصبر والمثابرة، والسياسة المحترفة والبصيرة، والنشاط المتفان المستمر من فخامتك، وشجاعة الجيش الأذربيجاني المنتصر هو أكثر الصفحات المجيدة في تاريخنا الوطني، الذي انتهى بتحرير قاراباغ في أواخر القرن العشرين. كُتبَتْ كتابة صفحة الشرف هذه التي غيرت مصير بلد وشعب بأكمله، لمصيرك عشية عيد ميلادك الستين، وهو العمر الذي يكون كل فرد مسؤولا أمام ضميره عن نواياه وأفعاله، أعتقد أنه أحد الأسرار السحرية للخالق العظيم الذي أشفق على أذربيجان واختارك، صاحب أذكى القلوب، وأكبر عملاق يمكن أن يسع قلبه لبلد بأكمله لإنقاذها.

الحمد لله رب العالمين! مبروك عيد ميلادك سعيد، نهنئكم بالذكرى الستين، أطال الله عمرك وحقق لك كل أمنياتك.

مع وافر الاحترام

كاتبة الشعب السيدة آفاق مسعود

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات أخرى